الكاتب والباحث في علم النفس الإكلينيكي والمرضي المصطفى توفيق يسلط الضوء على استقلالية الجامعة انطلاقا من تصريح الوزير عزالدين ميداوي

 



يقول وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الدكتور عزالدين ميداوي:


"استقلالية الجامعة ليست شعارا، لأن المقاربة التشاركية التي جاء بها الدستور، والاستقلالية ، هما الأساس لتحقيق الإنصاف، والجودة، والنجاعة، والتقييم. فاستقلالية الجامعة تعد الآلية الاستراتيجية لكل سياسات منظومة التعليم العالي."


تصريح وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الدكتور عز الدين ميداوي، يحمل أبعادا مفاهيمية واستراتيجية مهمة تتعلق بحكامة الجامعة المغربية وموقعها ضمن منظومة التعليم العالي والإصلاحات الجارية. لنحلل هذا التصريح في ضوء محاوره الأساسية:


أولا: تحليل المفاهيم المركزية في التصريح


1. "استقلالية الجامعة ليست شعارا"

هنا يشير الوزير إلى ضرورة تجاوز الطابع الخطابي أو النظري لمفهوم "الاستقلالية"، نحو تفعيل حقيقي وعملي لهذه الاستقلالية على مستوى التدبير المالي، الأكاديمي، والإداري. فهو لا يرى في الاستقلالية مجرد مطلب رمزي، بل شرطا واقعيا لتحقيق الإصلاحات المنشودة.



2. "المقاربة التشاركية الذي جاء بها الدستور"

يحيل الوزير إلى الفصل الأول من دستور 2011 الذي يكرس الحكامة الجيدة، الديمقراطية التشاركية، وربط المسؤولية بالمحاسبة. المقاربة التشاركية تعني إشراك مختلف الفاعلين: الدولة، الجامعات، الأساتذة، الطلبة، والمجتمع المدني، في رسم السياسات الجامعية واتخاذ القرارات الكبرى.


3. "الإنصاف، الجودة، النجاعة، التقييم"

هذه المفاهيم الأربعة تشكل ركائز الحكامة الجامعية الجديدة.

الإنصاف: يهدف إلى ضمان تكافؤ الفرص في الولوج إلى التعليم العالي.

الجودة: تعني تحسين المحتوى، المناهج، والتأطير البيداغوجي.

النجاعة: تتعلق بترشيد الموارد البشرية والمالية لتحقيق نتائج أفضل.

التقييم: شرط أساسي لضمان الشفافية والتحسين المستمر.


4. "استقلالية الجامعة هي الآلية الاستراتيجية لكل سياسات منظومة التعليم العالي"

في هذا الجزء، يؤكد الوزير أن أي سياسة عمومية في ميدان التعليم العالي لا يمكن أن تنجح دون منح الجامعات استقلالية فعلية في اتخاذ القرار، وخاصة في مجالات التكوين، البحث العلمي، الشراكات، والتدبير المالي.


ثانيا: مناقشة التصريح في سياق واقع الجامعة المغربية


من حيث النصوص: فعلا، القانون الإطار 51.17 والنصوص التنظيمية المرافقة تؤكد على ضرورة منح الجامعات صلاحيات أوسع لتدبير شؤونها، لكن الممارسة الميدانية ما زالت تعاني من هيمنة القرار المركزي وضعف الموارد الذاتية.


من حيث التحديات:


ضعف التمويل الذاتي للجامعات يجعل الاستقلالية المالية صعبة التطبيق.

غياب آليات تقييم فعالة وشفافة يعرقل مفهوم النجاعة.

عدم إشراك الأساتذة والطلبة في القرارات الجوهرية يحد من المقاربة التشاركية المأمولة.


من حيث الإمكانات:

لدى الجامعات المغربية كفاءات علمية وإدارية يمكن أن تواكب مشاريع الاستقلالية إذا تم تأطيرها وتوفير الشروط اللازمة (من حيث التكوين، الهيكلة، والتحفيز).


ثالثا: خلاصات واقتراحات


استقلالية الجامعة ليست امتيازا إداريا بل مسؤولية مؤسساتية تتطلب ربطا وثيقا بين الحكامة والمساءلة.


نجاح الاستقلالية مرهون بإصلاحات موازية في التمويل، التكوين، الرقمنة، والشراكة مع المحيط السوسيو-اقتصادي.


يجب تعزيز المقاربة التشاركية عبر تمثيلية حقيقية للأساتذة والطلبة في مجالس الكليات والجامعات.


في الختام، تصريح وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الدكتور عزالدين ميداوي يعكس توجها استراتيجيا نحو تجديد العلاقة بين الدولة والجامعة، وتحرير طاقات هذه الأخيرة في خدمة التنمية والابتكار. لكن التحدي الحقيقي يكمن في ترجمة هذا التوجه إلى إجراءات ملموسة تمكن الجامعة من لعب دورها كاملا في بناء مغرب المعرفة

لمعرفة مزيد من التفاصيل، افتح الرابط أسفلا للاطّلاع على تصريح وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الدكتور عزالدين ميداوي. 

https://youtu.be/g-dYLy6TrHI?si=lkJaMAKWZG1CQn-f

.